التهميش الاقتصادي لشباب سيدي بوزيد حد من قدرته على الولوج إلى الفرص والموارد الاقتصادية بالجهة

بيّنت دراسة مجتمعية حول التحديات الاقتصادية والاجتماعية والسياسية للشباب بولاية سيدي بوزيد أنجزتها جمعية الموارد الطبيعية والتنمية في إطار برنامج “معا” الممول من الوكالة الأمريكية للتنمية الى أن التهميش الاقتصادي للشباب يتسبب في الحدّ من قدرته على الولوج إلى الفرص والموارد الاقتصادية وهو ما تجلى أساسا في التباين بين ضعف وهشاشة عروض الشغل وفرص الاستثمار المتوفرة بولاية سيدي بوزيد ومطالب الشباب وتطلعاته الشغلية والاقتصادية.
وبينت الدراسة أيضا انه رغم ارتفاع نسبة التمدرس والولوج إلى التعليم العالي لدى شباب سيدي بوزيد مقارنة بأجيال أبائهم إلا أن ذلك لم يؤدي إلى حركية اقتصادية عالية مما جعله (التعليم العالي) وسيلة غير ناجعة للتطور الاقتصادي بل انه ساهم في ارتفاع مستويات البطالة وإعادة إنتاج الهشاشة الاقتصادية بين الأجيال في أشكال مختلفة.
وبدورها ساهمت الأنظمة البيروقراطية الإدارية في الحد من الفرص الاقتصادية للشباب خاصة مع الفرق الواضح بين تنامي تطلعاته في التشغيل والمبادرة الاقتصادية وضعف عروض الشغل وموارد الاستثمار وأيضا تفشي “الزبائنية والولاءات” في عمل المؤسسات الإدارية في مدينة سيدي بوزيد ما عمق من عزوف الشباب عن المشاركة في آليات الحوكمة السياسية الرسمية.
وأكدت الدراسة أيضا أن الشباب في ولاية سيدي بوزيد يرى أن المسؤولين المحليين لا يأخذون بعين الاعتبار مشاغلهم الأساسية المتمثلة في ضمان فرص التشغيل والاستثمار وتحسين الخدمات العمومية، ويعتقدون أن المسؤولين المحليين فاقدين للكفاءة المطلوبة في إدارة الشؤون العامة لمجتمعهم المحلي، ما يساهم في حدوث قطيعة أساسية بين الطرفين ويفع الشباب نحو الانخراط في الآليات والأطر الاحتجاجية غير الرسمية لضغط على الأنظمة البيروقراطية الإدارية لتحصيل منافع اقتصادية واجتماعية وإن تضمن ذلك استعمال العنف.
كما يرى الشباب أن السلطات والمؤسسات الإدارية المحلية مقصّرة على مستوى إسداء الخدمات العامة خاصة منها الإدارية والصحية والبنية التحتية بسبب عدم اعتماد الآليات التكنولوجية الجديدة في الإدارة وتركز عديد الخدمات بالعاصمة إضافة إلى تفشي الفساد في الانتدابات والصفقات العمومية.
وتثير الدراسة ظاهرة التمييز السلبي على أساس انتماء الشباب الجهوي خصوصا عند البحث عن عمل أو التوجه إلى الدراسة في العاصمة أو في الولايات الساحلية وتعرضه الى أشكال متعددة من العنف في السنوات الأخيرة خصوصا بأماكن العمل والمؤسسات التربوية ومؤسسات الخدمات العمومية.
ويشار إلى أن هذه الدراسة قد اعتمدت على منهجية بحث مختلطة كيفية وكمية إذ تم تنظيم 5 مجموعات نقاش و6 مقاهي حوارية مع شباب من مختلف الفئات بمدينة سيدي بوزيد بالإضافة إلى 264 استبيان ووقع التركيز خلالها على أربعة محاور أساسية يتعلق كل منها بمجموعة من العوامل الخصوصية التي قد تساهم في تغذية الهشاشة المجتمعية لدى الشباب وهي التوزيع الاجتماعي والاقتصادي والتمييز السلبي والمشاركة المدنية والعلاقة بالمؤسسات العامة والتعرض إلى العنف